فليست إذن بشاغلة عن القرآن، ولا لقارئ القرآن عنها غنى.
إذن ثمة فرق كبير بين موقع السنة من القرآن، وموقع كتب الأحبار والرهبان من التوراة والأنجيل!
* ومما يثير الدهشة والاستفهام، أنه في الوقت الذي كان يشدد فيه على المنع من رواية الحديث بحجة شغل القلوب بالقرآن وحده، كانت تصدر في الوقت ذاته وصايا بتعلم الشعر والاهتمام به!
فقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري - عامله على البصرة -: (أن مر من قبلك بتعلم العربية، فإنها تدل على صواب الكلام، ومرهم برواية الشعر، فإنه يدل على معالي الأخلاق) (1).
ترى والحديث النبوي، ألا يدل على صواب فهم القرآن، ومعرفة الأحكام والسنن، ومعالي الأخلاق؟!
وأيما أشغل للناس عن القرآن ومعرفته: رواية الحديث، أم رواية الشعر؟!
ألا يثير هذا استفهاما لا تحمل له كل أخبار المنع من التدوين وما قيل في تبريرها جوابا؟!
أهو مجرد تناقض بين قولين؟! أم الأمر كما ذهب إليه السيد الجلالي، حين رأى أن السبب الحقيقي لمنع رواية الحديث هو صد الناس عن أحاديث تذكر بحقوق أهل البيت عليهم السلام ومنزلتهم، لما في تذاكرها وتداولها من آثار غير خافية على الخليفة! (2).