مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٤٨
سواه).
ولأجل ذلك أتلف الكتاب الذي رآه. وهذا هو الراجح في تفسير موقفه، يدل عليه نفس حديث ولده عبد الرحمن، فهو حين أخرج لهم الكتاب كان يحلف لهم أنه بخط أبيه، فهذا كاشف عن أن الظاهر من حال أبيه والمعروف عنه هو المنع من تدوين الحديث، وهذا هو الذي ألجأه إلى القسم.
ومع أي واحد من هذه الوجوه الخمسة فإن الثابت في قناعة ابن مسعود هو أن الأصل في السنة جواز التدوين، وأن المنع منه كان لرأي رآه وليس هو بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا بعينه هو المستفاد من موقف أبي بكر وعمر.
* ولو رضينا بكل ما قيل في تبرير هذه السياسة والاعتذار عنها، فهل ستجيب تلك التبريرات على بضعة أسئلة تطرحها هذه الحالة؟!
ومن هذه الأسئلة:
1 - لماذا السنة؟: هل ترك النبي سنته للحرق والإتلاف؟! أم تركها نورا وتبيانا وهدى ودستورا؟!
2 - منزلة السنة: هل يحق للصحابة مجتمعين تطويق السنة النبوية ومحاصرتها بهذه الطريقة أو بما هو أدنى منها؟!
3 - الأمانة على السنة: هل وجد الصحابة الذين واجهوا السنة بهذه الطريقة، أو الذين تحفظوا عن روايتها خشية الوهم، هل وجدوا أنفسهم مستأمنين على السنة النبوية وحفظها وصيانتها ونشرها وتعليمها لمن لم يعلم، وتبليغها لمن لم يبلغه منها إلا القليل في عصرهم، ولمن لم
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست