مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ٤١
فصل ويحظر التمسك بهذا الحديث أمور نذكر طرفا منها:
الأول: أن دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال، ومن ليس بمعصوم من الزلل والضلال، فلا يجوز أن يعلم الله تعالى مكلفا كهذا بأن عاقبته الجنة، لأن ذلك يغريه بالقبيح، ولا خلاف أن التسعة لم يكونوا معصومين من الذنوب، وقد واقع بعضهم - على مذهب أكثر مخالفينا - كبائر - وإن ادعوا أنهم تابوا منها - فثبت أن الحديث باطل مختلق، مضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم (122).
الثاني: أن مما يبين بطلان الخبر أن أبا بكر لم يحتج به لنفسه، ولا احتج به له في مواطن دفع فيها إلى الاحتجاج كالسقيفة وغيرها، وكذلك عمر، وعثمان أيضا كيف ذهب عنه الاحتجاج به - إن كان حقا - لما حوصر وطولب بخلع نفسه وهموا بقتله، وما منعه من التعلق به لدفعهم عن نفسه؟! بل تشبث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب، وذكر القطع بالجنة أولى منها وأحرى.
فلو كان الأمر على ما ظنه القوم من صحة هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو روايته في وقت عثمان لاحتج به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان (123).
ثم ما الذي ثبط سعيد بن زيد - راوي الحديث - والطلحتين الناكثين وسائر الأحياء من العشرة يومذاك عن نجدة وليهم بحديث التبشير بالجنة؟! ولم

(١٢٢) الإفصاح في الإمامة: ٧١ - ٧٢، تلخيص الشافي ٣ / ٢٤١.
(١٢٣) الإفصاح: ٧٣، تلخيص الشافي 3 / 241.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست