ضن به أولئك الرهط - لو كان - على صاحبهم، مع أنه من أنجع ما يدرأ به الشر وتحسم به مادة النزاع؟!
وعلام نبذوا ابن عفان بعد مقتله ثلاثة أيام ملقى على المزبلة حتى خرج به ناس يسير من أهله إلى حائط بالمدينة يقال له: " حش كوكب " كانت اليهود تدفن فيه موتاهم، فرجم المسلمون سريره ومنعوا الصلاة عليه، إلى غير ذلك مما هو مسطور في كتب السير والتواريخ في قصة قتل عثمان (124).
بل روى ابن عبد ربه الأندلسي في " العقد الفريد " (125) عن العتبي، قال:
قال رجل من بني سليم: قدمت المدينة فلقيت سعد بن أبي وقاص فقلت:
يا أبا إسحاق، من الذي قتل عثمان؟ قال: قتله سيف عائشة وشحذه طلحة وسمه علي، قلت: فما حال الزبير؟ قال: أشار بيده وصمت بلسانه. انتهى.
فلو أن شيئا من تبشير عثمان بالجنة كان قد ثبت عند الصحابة لما ألبوا عليه ولا كتبوا إلى الناس يستدعونهم لجهاده، والمنصف المتأمل لذلك يجزم بأن حديث التبشير لم يكن له إذ ذاك عين ولا أثر، وإنما اختلق في دولة بني أمية.
الثالث: قد علم البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ما وقع من أكثر هؤلاء المبشرين من المخالفات للإمام علي عليه السلام، وظهور العداوة بينهم، وما جرى بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين طلحة والزبير من المباينة في الدين والتخطئة من بعضهم لبعض والتضليل والحرب وسفك الدم على الاستحلال به دون التحريم، وخروج الجميع من الدنيا على ظاهر التدين بذلك دون الرجوع عنه بما يوجب العلم واليقين، فكيف يكون كل من الفريقين على الحق والصواب - مع ما ذكرناه (126) -؟! وكيف يحكم للجميع بالأمان من عذاب