سوريا للاجتماع مع الملك فيصل، حتى إذا رجع وثب الفرنسيون بجيش جرار إلى جبل عامل توجه نحو قرية (شحور) لإلقاء القبض على السيد وقتله،...
قال رحمه الله:
(ومهما يكن فقد كان نصيبنا من هذه الجيوش حملة جرارة قدرت بألف فارس مجهزين بالمدافع الثقيلة والدبابات والمدرعات، زحفت بقيادة الكولونيل (دنجير) إلى (شحور) وما كاد الفجر يتضوأ بأضوائه الندية حتى كانت المدافع الثقيلة منصوبة على جبلي (الطور) و (سلطان) المشرفين على القرية، وهبط الجيش يتدفق بين كروم التين، ويلتف حول القرية، في رهبة أوحشت سكينة الفجر المستيقظ لذكر الله تعالى في مستهل شهر رمضان المبارك سنة 1338، وكنت أهوم بعد صلاة الفجر بنعاس بعد تعب السفر وتعب السهر، وكانت وصيفتنا (السعيدة) تتهيأ لصلاتها، فأشرفت على مدخل القرية - وهي تتبين الصبح - فراعها أن ترى أن آذان الخيل تنتشر بين أشجار التين في مثل هذا البكور، فأجفلت مذعورة، ورجعت توقظني من نومي.
نهضت مسرعا إلى أرديتي، وانسللت أتخطى الأزقة والمضايق، ثم خرجت من بين العسكر وهم لي منكرون، وتركتهم يتظننون، وانسحبت أهبط الوادي إلى غار على شاطئ الليطاني، كان لجأ إليه جدنا السيد صالح في محنة الجزار.
أما الجند فطفق يسأل عني، واستوقف الصغار من أفراخي مع عمهم السيد محمد وخالهم السيد حسن، حتى يستنطقهم والسيف مصلت فوق رؤوسهم، ولكنهم أجمعوا على أني في دمشق، ولما استيأسوا من العثور على تفرقوا في القرية يأكلون ويشربون ويحطمون، ولم يغادروا (شحورا) قبل أن يحرقوا الدار... فحكم علي بالنفي المؤبد مع مصادرة ما أملك. وقد احتلوا دارنا في صور بعد أن صيح نهبا في حجراتها، فعظمت المصيبة وجلت الرزية بنهب المكتبة الحافلة بكتبها القيمة، وفيها من نفائس الكتب المخطوطة