مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٤ - الصفحة ٣٥
لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما وضعته تناول النبي جشب حزبة من اللحم، فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: كلوا بسم الله.
فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما نرى إلا آثار أصابعهم، والله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال: اسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.
فلما أراد النبي أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم. فتفرق القوم، ولم يكلمهم النبي.
فلما كان الغد فقال: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا مثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي.
ففعلت ثم جمعتهم. ثم دعاني بالطعام فقربته ففعل به كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي فقال:
يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا؟
فقلت - وأنا أحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا -: أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي فقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست