مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٤ - الصفحة ١٣٤
وقد أثرت سيطرة هؤلاء الجهلة المتعصبين ومن تلاهم من الأمراء الخوارزمية والأيوبية - في الشام - أن يتعرض الشيعة إلى اضطهاد في القرنين (450 - 650) فكانا من أشد الفترات العصيبة في تاريخ الإسلام عموما، والتشيع خصوصا، حيث أدى ذلك إلى ابتلاء الأمة، بأشكال من العصبيات المقيتة، وسيطرة القبائل البعيدة عن الثقافة، كالسلاجقة والأيوبيين، من الذين استغلوا اختلاف المذاهب، في إثارة الطائفية بين الأمة الإسلامية، والتمسك بالحنبلية والتشدد باسم التدين، واعتمادهم سياسة القمع المذهبي، والمحاسبة على العقائد إرضاء لأفكار العامة الجهلة، كل ذلك دعما لكراسيهم، وتحكيما لسيطرتهم.
فكان على أثر ذلك أن تعرضت مدارس الشيعة ومراكزهم العلمية وعلماؤهم الكبار إلى أشكال من الهجوم والتهجير والإبادة (3).
وهذا هو السبب المباشر في شحة المصادر المتكفلة بالحديث عن تاريخ هذه الفترة، وكذلك ضياع التراث الذي أنتجته عقول مفكريها ومؤلفيها.
مع أن الشذرات الباقية، سواء من المصادر التاريخية، أو التراث المتبقى، تدل على ضخامة الثروة وعظمة الجهود المبذولة، في سبيل إبقاء الحضارة، والحفاظ على استمرار حياتها.
فهذان الكتابان العظيمان: معالم العلماء، لابن شهرآشوب (ت 588) وفهرست الشيخ منتجب الدين ابن بابويه (كان حيا في 600) يدلان على ما نقول بوضوح.
وكذلك المنقولات عن " تاريخ الري " و " تاريخ الإمامية " لابن أبي طي الحلبي، يكشفان عن مجد رفيع، وحركة واسعة.
بالرغم من كل العراقيل، والصعوبات، والعقبات، والهجمات الشرسة

(3) انظر: الثقات العيون - التقديم -: ص / ه‍ - و.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست