وقال أبو حيان (ت 745 ه): " الإعراب: تغير في الكلمة لعامل " (30).
وهذه أخصر وأدق عبارة للتعريف، وقد علق عليها ابن هشام (ت 761 ه) قائلا: " اعلم أن النحاة جرت عادتهم بالنص على محل الإعراب، وهو الآخر، وقد حاد المصنف عن هذه الطريقة فأبهم محله، وليس ذلك بحسن، وإن كان العامل لا يؤثر إلا في الآخر. وقد يقال: إن لما فعله وجها من الحسن، لأن الإعراب قد يكون في غير الآخر، وذلك في الأمثلة الخمسة، نحو: تفعلان، فإن عامة رفع الفعل هي النون وليست في الآخر، ولكن في شئ اتصل بالآخر، وهو الفاعل، وإنما صح ذلك لتنزل الفعل والفاعل عندهم منزلة الكلمة الواحدة. والذي يظهر أن الأحسن أن يقال: تغير في الآخر أو ما ينزل منزلة الآخر، أو يقال: في الآخر حقيقة أو مجازا " (31).
إلا أن ابن هشام نفسه لم يلتزم بهذا الذي استحسنه عند تعريفه الإعراب، وصرح أيضا بأن قوله (في آخر الكلمة) مجرد بيان لمحل الإعراب، وأنه ليس ثمة آثار تجلبها العوامل في غير آخر الكلمة ليحترز عنها (32).
ولأجل ذلك التزم السيوطي عند تعريفه الإعراب بصياغة ابن حيان، بل بالغ في الاختصار فقال: الإعراب " التغيير لعامل، لفظا أو تقديرا " (33).
إلا أن من جاؤوا بعد السيوطي دأبوا عند تعريفهم للإعراب، على القول:
إنه تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها، لفظا أو تقديرا (34).
وأود - قبل الانتقال إلى تعريف الإعراب على الاتجاه الثاني - أن أشير: