مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٨ - الصفحة ٩٦
خفاقة على ربوع العالم الإسلامي، من خلال مدرسته التي أقامها في عاصمة الإسلام وقطب رحاه " مدينة الرسول " فبقر العلم، حتى سمي باقر العلوم، وشق عباب المعارف الزخارة وأروى الأمة من معين علومه، بعد جفاف وقنوط طال أكثر من ستين عاما، حيث عمدت أيدي العصبة الأموية، وشراذمة الجاهلية، إلى إبادة كل معالم الحضارة الإسلامية من علم وأدب ورجال ونضال.
فأقام الإمام الباقر عليه السلام الصرح العلمي لمدرسة تربت فيها أجيال من العلماء، وازدهرت على يد ولده الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، ومن أوضح معالمها أربعة آلاف عالم وداعية للإسلام، وأربعمائة " أصل " من مصادر الشريعة الإسلامية.
وعلى رأس القرن الثالث (سنه 200):
طلع نجم الإمام الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فكان الحجة القائمة في العالم الإسلامي، حيث ملأته سناءا ونورا، وأعادت للإسلام قوته وصلابته، بعد أن كادت الفلسفات التي استوردها الخلفاء العباسيون، تهدد قواعد الدين في نفوس الأمة، وتنخر أسسه التي ضعفت وضاعت بين ظلم الحكام ولهوهم وزهوهم، وبين الانحراف الذي عم البلاد والعباد، حيث يكونون على دين ملوكهم.
فكان الإمام الرضا عليه السلام - بحضوره ومواقفه الخالدة منجدا للحق معيدا له إلى نصابه.
وعند ما كادت الحياة المترفة العباسية تقضي على ما لهذا الدين من بهاء وجلال وهيبة في النفوس، وتشكك الناس في كثير من الواقعيات!؟ كان الإمام وسيرته المعتمدة على الزهد والتقى يعيد إلى المسلمين الثقة بحقيقة الإسلام، ويجسد لهم كل تلك الواقعيات.
وبعد أن توغلت محاولات الجمود السلفي، والخمود الظاهري، وراحت تستولي
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست