(هل الغيبة تمنع الإمام من التأثير والعمل؟) وكأني بمن سمع هذا من المخالفين ربما عجب وقال: أي سطوة لغائب مستتر خائف مذعور؟!
وأي انتقام يخشى ممن لا يد له باسطة، ولا أمر نافذ، ولا سلطان قاهر؟!
وكيف يرهب من لا يعرف ولا يميز ولا يدرى مكانه؟!
والجواب عن هذا: أن التعجب بغير حجة تظهر وبينة تذكر هو الذي يجب العجب منه، وقد علمنا أن أولياء الإمام وإن لم يعرفوا شخصه ويميزوه بعينه، فإنهم يحققون وجوده، ويتيقنون أنه معهم بينهم، ولا يشكون في ذلك ولا يرتابون به:
لأنهم إن لم يكونوا على هذه الصفة لحقوا بالأعداء، وخرجوا عن منزلة الأولياء، وما فيهم إلا من يعتقد أن الإمام بحيث لا تخفى عليه أخباره، ولا تغيب عنه سرائره، فضلا عن ظواهره، وأنه يجوز أن يعرف ما يقع منهم من قبيح وحسن، فلا يأمنون إن يقدموا على القبائح فيؤدبهم عليها.
ومن الذي يمتنع منهم - إن ظهر له الإمام، وأظهر له معجزة يعلم بها أنه إمام الزمان، وأراد تقويمه وتأديبه وإقامة حد عليه - أن يبذل ذلك من نفسه ويستسلم لما يفعله إمامه به، وهو يعتقد إمامته وفرض طاعته؟!