وهذا خلاف ما أثبته المؤرخون كالنديم والحموي وغيرهما (58).
وكان لهذا الاختلاف أثر كبير، ودور مؤثر في متن الكتاب الأصلي.
فقد عمد السكري إلى دس بعض آرائه وأقواله ومروياته في متن الجمهرة، مصدرا بعضها ب " قال أبو سعيد "، هاملا البعض الآخر، كما قام بتحريف بعض الجمل والكلمات، أو تبديلها بما يتلاءم وآراءه الفكرية والمذهبية.
وكان هذا ديدن السكري في ما يرويه من مصنفات غيره، وهكذا صنع بكتاب " المحبر " لأستاذه وشيخه أبي جعفر محمد بن حبيب.
وقد تنبه لهذا الأمر محققا كتاب الجمهرة والمحبر.
قال الدكتور ناجي حسن محقق الجمهرة في مقدمة التحقيق:
" لقد وصلتنا جمهرة النسب لابن الكلبي برواية أبي سعيد السكري، عن محمد ابن حبيب، عن ابن الكلبي، ومع ذلك ظهرت فيها إضافات واضحة، وزيادات، وتعليقات بينة، لم ترد في أصل الجمهرة، بل أضافها الرواة والنساخ.
ولا يستبعد أن يكون أبو سعيد السكري هو نفسه الذي تام بهذا العمل، حين وجد لديه فيضا من الأخبار ذات الصلة بالأنساب " (59).
بعد هذا كله فليس من المستبعد، ولا المستحيل، أن تكون جملة " وكانت أمه ولدته في جوف الكعبة " في ذيل كلمة الكلبي المتقدمة من تلك الإضافات، والزيادات، والتعليقات البينة، المحسوبة " فيضا من الأخبار ذات الصلة بالأنساب ".
فإن كانت هذه الزيادة مبهمة بعض الشئ أو مشكك في أنها من الجمهرة، فهي واضحة، مكشوفة، جلية في المحبر.
ففي فصل الندماء من قريش:
" وكان الحارث بن هشام بن المغيرة نديما لحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد