مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٦ - الصفحة ١٨٤
وقد أسست في الدورق عدة مدارس، أشار السيد عبد الله الجزائري إلى بعضها في كتابه " الإجازة الكبيرة " وأشار في الضمن إلى بعض أساتذتها ومدرسيها، وذكر أنه تلقى بعض العلوم فيها، ومن جملة تلك المدارس (المدرسة الإبراهيمية) في القرن الثاني عشر، التي لا تزال بعض مخطوطاتها موجودة في المكتبات الكبيرة كما في المكتبة المركزية لجامعة طهران.
وبفضل تلك الحركة العلمية والأدبية خلد علماء الدورق وأدباؤها آثارا قيمة في شتى مجالات العلم والأدب، وأفاضوا على الأدب العربي فضلا بطابع شيعي يستحق المزيد من العناية والتقدير، فلو لاحظنا (البند) وهو نموذج من الأدب العربي الشيعي، لوجدنا أن أكبر شعرائه وأجودهم وأكثرهم نظما فيه هو العلامة الأديب السيد علي ابن باليل الدورقي، المتوفى حدود سنة 1100 ه‍، وقد بلغ الذروة في هذا النوع من الأدب الذي ولد ونشأ في الأوساط الأدبية الشيعية، كما أن تصنيفه الموسوم ب‍ " المستطاب " في شرح كتاب النحو لسيبويه المعروف ب‍ " الكتاب " يبين لنا مدى اهتمام علماء هذا البلد باللغة العربية وحرصهم على كشف غوامضها ومعرفة أسرارها، وكذلك كتابه الموسوم ب‍ " قلائد الغيد " له مرتبة سامية في الأدب العرفاني الرفيع.
كما أن للشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي، المتوفى سنة 1130 ه‍ عدة آثار أدبية هي خير شاهد على مستوى الأدب في هذا البلد.
وقد اعترف المستشرق الألماني بروكلمان في كتاب " تاريخ الأدب العربي " بحقه واعتبره من رواد الأدب العربي، وأشار إلى آثار الأدبية الممتعة في مكتبات الغرب.
كما أن شرح الشيخ جمال الدين بن إسكندر الدورقي، المتوفى حدود سنة 1150 ه، على نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فيه دلالة واضحة على مكانة الأدب العربي ومقامه، ومدى اهتمام علماء الدورق به آنذاك.
وهذه الآثار الأدبية وغيرها، التي لا تزال مبعثرة في شتى أنحاء العالم، ما هي إلا شئ يسير من تراث أدبي كثير خلفه لنا علماء الدورق، وقد لعبت به أيدي
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست