والسنة ضاجة وصائحة لانطماس آثارها وانخفاض أعلامها، واعتلاء القتار والغبار على صحائفها وكتبها، وإسدال القوم ثيابهم دونها، وطيهم الكشح عنها.
وعقيلة العقل وكريمتها جازعة ونادبة على كونها بمعزل عن درك الناس حقيقتها، وأخذهم أحكامها، وتلازمها وآثارها ولوازمها.
فكيف لا تشق سيرة الماضين ثوبها ولا تمزق إجماعات الأقدمين إهابها على ما أصيب به الدين.
أين العلوم الحقانية؟ والفنون الربانية؟ من علم المبدأ والمعاد؟ وعلم الحجج وعلم أحوال النفس والمفارقات؟ وعلم الأخلاق الحميدة من الملكات؟).
ويبدو من خلال كلامه أن الباعث له على التأليف هو إهمال أهل ذلك الزمان لعلوم الحديث والإسناد على أساس المغالطات والشبهات التي أثارتها الجماعة الأخبارية، الذين عارضوا بشدة علوم الشريعة من أصول ورجال ودراية وحكمة وكلام، مما أدى إلى محاولة اندراس معالم مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
وقد فصل الأستاذ الصالحي الحديث عن عصر المترجم له، مشيرا إلى ما كانت عليه كربلاء من الانقسام والفرقة على أثر مواقف الجماعة المتسمية بالأخبارية وبعض فرقها المتطرفة كالشيخية، وأن المترجم له كان له موقف صلب في ردهم وصدهم، وإفحامهم عن خلال المناظرات العلمية، والمجادلات العلنية، حتى كسر شوكتهم، وفرق جماعتهم، وأدى إلى انتصار المتشرعة عليهم، وإخماد تلك الفتن، وكانت قمة الجهود المبذولة هو الاجتماع العلمي الكبير الذي حضره أعلام النجف وكربلاء يومئذ الذي أدى إلى الحكم على الشيخ أحمد الأحسائي بالتكفير، وكان المترجم له يؤدي دورا إعلاميا في القضية حيث كان يعلن عن نتائج ذلك على المنابر وفي خطاباته المختلفة، مما تعرض على أثر ذلك لضغوط وتهديدات تبدو من خلال كلماته المذكورة في ثنايا مؤلفاته فاضطر إلى السفر إلى إيران، وورد طهران دار السلطنة - آنذاك وقد احتل هناك مقاما رفيعا وأصبح زعيما كبيرا واستقطب قلوب الناس ونفذت كلمته فيهم، وكان شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى وقف من