مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٣ - الصفحة ٤٠
" إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق... ". ينافي كمال شفقته على علي وفاطمة ولعل ما ذكرناه هو وجه الأقوال الأخرى في المقام.
وقال ابن حجر بشرح: " إلا أن يريد ابن أبي طالب. ": " هذا محمول على أن بعض من يبغض عليا وشى به أنه مصمم على ذلك، وإلا فلا يظن به أنه يستمر على الخطبة بعد أن استشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمنعه. وسياق سويد بن غفلة يدل على أن ذلك وقع قبل أن تعلم به فاطمة، فكأنه لما قيل لها ذلك وشكت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أعلمه علي أنه ترك، أنكر عليه ذلك.
وزاد في رواية الزهري: وإني لست أحرم حلالا ولا أحلل حراما، ولكن - والله - لا تجمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل أبدا. وفي رواية مسلم: مكانا واحدا أبدا. وفي رواية شعيب: عند رجل واحد أبدا.
قال ابن التين: أصح ما تحمل عليه هذه القصة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرم على علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل، لأنه علل بأن ذلك يؤذيه، وأذيته حرام بالاتفاق. ومعنى قوله: لا أحرم حلالا، أي: هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة. وأما الجمع بينهما الذي لا يستلزم تأذي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتأذي فاطمة به فلا.
وزعم غيره: أن السياق يشعر بأن ذلك مباح لعلي، لكنه منعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم رعاية لخاطر فاطمة، وقبل هو ذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والذي يظهر لي: أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا يتزوج على بناته.
ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة عليها السلام " (72).
أقول: لا يخفى الاضطراب في كلماتهم. ولا يخفى ما في كل وجه من هذه

(72) فتح الباري 268 / 9.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست