وكان عليها - على الأقل - أن تراجع من له خبرة بعلوم الحديث حتى تسترشد إلى الحق ولقد سبق منا القول (9) بأن على المحقق لكتاب ما إن لم بموضوعه إلماما وافيا حتى لا تفوته أسرار الفن ولا تنطلي عليه تعقيداته.
وقد ذكر ابن الصلاح عن هذا الفن - ونعم ما قال - والحق أن هذا فن يصعب الحكم فيه، والحاكم فيه على خطر من الخطأ والانتقاض (10).
ولقد أقحمت المحققة نفسها في فن لم تخبره فكابدت من صعوبته ما كانت في غني عنه وتحملت من خطورة هفواته ما لا يتحمل.
وثاني ما نلاحظه على المحققة: أنها تحملت المشاق في تتبع الموارد المختلفة بظن قصور عمل المؤلف فكالت له تلك العبارات القاسية من دون ما حق!
وكان الأجدر بها أن تسعى في العثور على كل واحد واحد من الأسانيد التي أشار إليها المؤلف والمحتوية على تلك الأسماء المنفردة وبالخصوصيات التي ذكرها المؤلف لتخفف بذلك المؤونة على المراجعين وتدل على كثرة موارد المؤلف وسعة مساحة تتبعه في الكتب الحديثية العزيزة المنال يومذاك!
فتقف هي، وتوقف الجميع، على إتقانه وضبطه وإبداعه حتى نال تلك الشهرة إلى زمن متأخر، فلم يذكر السيوطي، المتوفى 911 من أفرد ذلك الفن بالتصنيف غيره (11).
وبذلك يعرف أن أمثال ابن ماكولا لم يتمكنوا من التأثير على أهمية عمل المؤلف، إذ أنهم إنما عمدوا إلى إيراد أسماء جميع الناس من دون التخصيص بالرواة ورجال الإسناد منهم، وهذا ليس من مهمة أمثال المؤلف من المحدثين، كما أشار إلى ذلك ابن الصلاح في عنوان التاسع والأربعين من علوم الحديث.