مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ١٧٩
وشيطانه أنه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب، وما درى المحروم أنه أتى بأقبح المعائب إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة، وتدارك على أئمتهم سيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة، حتى تجاوز إلى الجناب الأقدس المنزه - سبحانه - عن كل نقص، والمستحق لكل كمال أنفس، فنسب إليه الكبائر والعظائم، وخرق سياج عظمته بما أظهره للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدمين والمتأخرين، حتى قام عليه علماء عصره، وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحسبه إلى أن مات وخمدت تلك البدع، وزالت تلك الضلالات، ثم انتصر له أتباع لم يرفع الله لهم رأسا، ولم يظهر لهم جاها ولا بأسا، بل ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، انتهى.
هذا بعض كلام ابن حجر العالم الذي ليس له في علماء السنة مدافع، ولا ينازع في جلالة شأنه وعظيم فضله منازع، ولسنا الآن في صدد تعداد مثالب ابن تيمية وبدعه في الدين، وما أدخله من البلية على الإسلام والمسلمين، فإن ذلك خارج عما نحن بشأنه من مواقف الحجة والبرهان، والنظر في الأدلة على نهج علمي لا يخرج عن دائرة آداب المناظرة.
وأما حال ابن تيمية... فقد كفانا مؤونة إشاعة فضائعه ووقائعه علما الجمهور من أهل السنة والجماعة شكرت مساعيهم الجميلة.
أما كلمتنا التي لا بد لنا من إبدائها في الجمع بين تلك الأخبار، ونظريتنا في استجلاء الحقيقة من خلال تلك الحجب والأستار، فسوف نبديها في تلو هذا السجل ناصعة بيضاء مسقرة، وعليه التكلان، وبه المستعان.
ها نحن أولاء، بعد أن سردنا عليك ذروا من الأحاديث، وشذورا من الروايات، نريد أن نأتي على الخلاصة، ونوقفك على الفذلكة، ونمنحك الحقيقة المكنونة، والجوهرة الثمينة فنتوصل إلى الحقيقة من أقرب طرقها، ونتوسل إلى البغية المنشودة بأقوى أسبابها، وأوثق عراها، وأمتن أواخيها، فنقول:
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست