مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٢ - الصفحة ٣٥
هو نفس النبي بالنص حقا * (قل تعالوا) قضت بذا دعواها فهما واحد إماما بذات * بارى الخلق بالثنى ثناها (190) شقها الله في الخليقة نصفين قدما وباسمه سماها لم يميز منها البصير صفات * لفظة اثنين واحد معناها بات ليلا على فراش رسول الله يشتاق للمنون لقاها وبه أحدقت جموع قريش * واستطالت له طلا رؤساها رقدت في المبيت عيناه لكن * قلبه للهدى أفاق انتباها (195) كلما في دجى الردى هددته * سطوة الشرك لم يكن يخشاها فاديا دون أحمد منه نفسا * كل نفس حقا تكون فداها أنزل الله جبرئيل وميكائيل * ليلا لنفسه حفظاها قال كل له: بخ لك حقا * إن رب السما بمثلك باها... (7) وفي آخرها يقول:
بشر بشرت به الرسل قدما * وبه الله للملائك باها (200) كان سرا مع النبي من قبل يوفى قلوبها سراها كل أهل النهى بمعناه حارت * ودعت باسمه الغلاة إلها ليس تخفى له المجد ذات * محكم الذكر بالثنا أطراها بمرور العصور جيلا فجيلا * ليس ينسى طول الزمان جداها بالعلى سادت الخليقة جمعا * حيث جبرئيل خادم إياها (205)

(7) يشير شاعرنا الكبير إلى أروع صورة يرويها لنا التاريخ عن الايثار التي كانت متمثلة في الإمام أمير المؤمنين علي - عليه السلام - حين مبيته على فراش رسول الله - صلى الله عليه وآله - ليلة هجرته، يفديه بنفسه، ويقيه بمهجته، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل: إني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة، فاختار كل واحد منهما الحياة وأحباها، فأوحى الله - عز وجل - إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات علي فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه.
فكان جبرئيل وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا بن أبي طالب، والله يباهي بك الملائكة، فأنزل الله في علي - عليه السلام -: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) [سورة البقرة الآية 207] كما حدثنا بها الغزالي في كتابه (إحياء العلوم) وغيره.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست