رحمك الله يا أمير المؤمنين، فلئن كان حياتك مفتاح خير ومغلاق شر وكنت للناس علما منيرا، يعرف به الهدى من الضلالة والخير من الشر، إن وفاتك لمفتاح شر ومغلاق خير، وإن فقدانك لحسرة وندامة، ولو أن الناس قبلوك بقبولك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنهم اختاروا الدنيا على الآخرة، فأصبحوا بعدك حيارى في سبل المطالب، قد غلب عليهم الشقاء والداء العياء - قال أبو بكر: العياء... - فهم ينتقضونها كما ينتقض الحبل من برمه، فتبا لهم خلفا، تقبلوا سخفا وباعوا كثيرا بقليل، وجزيلا بيسير، فكرم الله مآبك، وضعف ثوابك، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
105 - حدثنا الحسين، أنبأنا عبد الله، قال: حدثني عبد الرحمن بن صالح، أنبأنا إبراهيم بن هراسة، عن محمد بن سلمة النصيبي، قال: قالت أم العربان حين قتل علي بن أبي طالب - عليه السلام -:
ألا عيني فاحتفلا سنينا * وبكينا أمير المؤمنينا ألا يا خير من ركب المطايا * وذللها ومن ركب السفينا يقيم الحد لا يرتاب فيه * ويقضي بالفرائض مستبينا كأن الناس مذ فقدوا عليا * نعاما جال في بلد سنينا فلا تشمت معاوية بن حرب * فإن بقية الخلفاء فينا وكنا قبل مقتله بخير * نرى مولى رسول الله فينا 106 - [247 / أ] حدثنا الحسين، أنبأنا عبد الله، قال: حدثني سليمان بن أبي شيخ، قال: أنشدني محمد بن الحكم لأبي زبيد الطائي يرثي عليا - عليه السلام -:
حمت ليدخل جنات أبو حسن * وأوقدت بعده للقائل النار ماذا أراد بخير الناس كلهم * دينا وأهداهم للحق إن حاروا يقول ما قال عن قول النبي فما * يخالف الجهر منه فيه أسرار تزوره أم كلثوم ونسوتها * لا كالمزور ولا كالزور زوار يبكين أروع ميمونا نقيبته * يحمي الذمار إذا ما معشر جاروا