مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١١ - الصفحة ١٧١
المنبر فتكلم عيي عن المنطق! فيزهد فيه الناس.
فقال معاوية: لا تفعلوا، فوالله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمص لسانه وشفته، ولن يعي لسان مصه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو شفتين.
فأبوا على معاوية فصعد معاوية المنبر ثم أمر الحسن فصعد وأمره أن يخبر الناس أني قد بايعت معاوية.
فصعد الحسن المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس، إن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وإني قد أخذت لكم على معاوية أن يعدل فيكم، وأن يوفر عليكم غنائمكم، وأن يقسم فيكم فيئكم.
ثم أقبل على معاوية فقال: كذلك؟ قال: نعم، ثم هبط من المنبر وهو يقول - ويشير بإصبعه إلى معاوية -: " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " فاشتد ذلك على معاوية.
فقالا: لو دعوته فاستنطقته، قال: مهلا، فأتوا فدعوه، فأجابهم فأقبل عليه عمرو بن العاص، فقال له الحسن: أما أنت فقد اختلف فيك رجلان رجل من قريش وجزار أهل المدينة فادعياك فلا أدري أيهما أبوك!
وأقبل عليه أبو الأعور السلمي، فقال له الحسن: ألم يلعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رعلا وذكوان وعمرو بن سفيان؟!
ثم أقبل معاوية يعين القوم، فقال له الحسن: أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن قائد الأحزاب وسائقهم، وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو الأعور السلمي؟! (105).

(١٠٥) رواه ابن عساكر في ترجمة أبي الأعور السلمي عمرو بن سفيان من تأريخه بإسناده عن ابن سعد، وأورده الذهبي في تاريخ الإسلام ٢ / ٢١٨ عن حريز بن عثمان.
وكان في الأصل: جرير، والصحيح: حريز، قال ابن حجر في التقريب: حريز، بفتح أوله وكسر الراء وآخره زاي.
وحريز هذا كان ناصبيا يبغض عليا - عليه السلام - ويلعنه كل صباح ومساء، فهو عندهم أثبت الشاميين ثقة ثقة! ولقد عاتب الله يزيد بن هارون لروايته عن حريز، راجع تهذيب التهذيب ٢ / ٢٣٩، وعبقات الأنوار ١ / ٤٤٥.
والحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير ٢٠ / ٧١ رقم ٢٦٩٩ بأوجز مما هنا، وعنه في مجمع الزوائد ٩ / ١٧٧ وروى البلاذري في أنساب الأشراف في نسب بني عبد شمس ج ١ ص - ٧٦٧ من مخطوطة تركية -: حدثنا خلف، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة - مولى أم سلمة -: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان جالسا فمر أبو سفيان على بعير، ومعاوية وأخ له، أحدهما يقود البعير والآخر يسوقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لعن الله الحامل والمحمول والقائد والسائق.
أنظر: المعجم الكبير ٣ / ٧١، ومجمع الزوائد ٧ / ٢٤٢ و ٩ / ١٧٨، وتأريخ دمشق لابن عساكر ترجمة سعيد بن العاص وعمرو بن العاص ومعاوية وأبي هريرة.
وأما لعن رسول الله صلى الله عليه وآله رعلا وذكوان فقد روى الحفاظ وأئمة الحديث والتأريخ في كتبهم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت شهرا في صلاة الصبح يلعن رعلا وذكوان ويدعو عليهم، راجع صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معوفة، فقد روى عدة أحاديث في ذلك.
وفي الفائق ٣ / ٢٢٧ - في قنت - بعد ذكر الحديث: رعل وذكوان: قبيلتان من قبائل سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.
ومنهم عمرو بن سفيان أبو الأعور السلمي، ولذلك أخرج ابن عساكر هذا الحديث في ترجمته من تأريخه بأربع طرق.
وقد حذف ابن سعد مقالة المنافقين فلم يذكرها، وقد رواها الزبير بن بكار بطولها في كتاب " المنافرات والمفاخرات "، وعنه نقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٦ / 285 - 294، فراجع.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست