والرضي نفسه كان يعمد إلى مثل هذا، وتجد مثالا لذلك في ديوان الرضي: 2 / 816، وللدكتور الحلو إشارات إلى هذا الأمر، ولعل الشريف أراد لمقصورته أن يعيد النظر فيها ويهذبها أو ينتقي منها، ولكن المنية لم تمهله - في سن مبكر نسبيا - وهي من آخر ما قاله، وأمانة الخبري لم تسمح له أن يصنع شيئا لم يفعله الشاعر نفسه.
وبهذا أكون قد ناقشت ما قرره الدكتور الحلو: (ولعل أفضل وسيلة للحكم عليها (أي المقصورة) هي الرجوع إلى قصائد الرضي الأخرى في رثاء الحسين بن علي (سلام الله عليها) على قلة شعره في هذا الباب بالقياس إلى شعراء الشيعة فيه) ثم يستعرض سماتها العامة ويميزها عما جاء في المقصورة فيقول: (وقد استبان من هذا العرض للمعاني التي وردت في القصائد الأربع الأولى، والقصيدة الأخيرة: أنه لا نسب بين هذه الأربع وبينها، فهذه الشكاة التي تنضح بها القصيدة الأخيرة، والاستغاثة بالرسول، صلى الله عليه [وآله] وسلم وخصومته لبني أمية في الدار الآخرة، ووقوفه موقف المظلوم، وتعداد الأئمة، واعتبارهم الشافين من العمى، والشفعاء مع الرسول يوم القيامة [والتأكيد على مقاطع معينة، إنما هو منا، لا من الدكتور نفسه] كل هذا لم نعهده من الرضي في رثائه لأبي عبد الله الحسين، وإنما عهدناه ثائرا تلمع نصول السيوف في شعره، وتتطاول لها ذم الأسنة، مهددا بيوم يجرد فيه الخيل للوغى، لا بالعقاب والحساب في يوم القيامة) (24).
وتتلخص المناقشة: نعم هناك فارق ولكن، لا بين شخصين، ولكن بين روحين: فإن ما نلمسه في تلك القصائد الأربع، إنما هو روح الشريف نفسه، وما نلمسه في المقصورة إنما هو الوجدان الشيعي المتمثل في الشيعة ومنهم الشريف، فالشريف في تلك يكشف عن نفسه ونفسياته الخاصة به، وفيها يعبر عن روح الولاء الذي يحمله كل شيعي حسيني!
2 - وأما الزيدية والإمامية وعقيدة الشريف، فأرى أن البحث فيه من