مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٩ - الصفحة ١١٠
واستشهاده - رحمه الله - بالرواية القائلة بلزوم الأخذ بالمشهور بين الأصحاب عند التعارض دليل واضح على ذلك، إذ هذا لا يجتمع مع الجزم بصدور الطرفين عن النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام.
وقوله - رحمه الله - بعد ذلك: " ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام " ظاهر في عدم جزمه بصدور أحاديث كتابه عن المعصوم عليه السلام.
نعم قد يقال: إن أحاديث " الكافي " إن لم تكن قطعية الصدور فلا أقل من صحتها إسنادا، ذلك لأن مؤلفه قد شهد - نتيجة بذله غاية ما وسعه من الجهد في التحريري والاحتياط - بصحة جميع أحاديث كتابه حيث قال في المقدمة: " وقلت:
أنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعلم به الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدى فرض الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله " (63).
فإن ظاهر قوله " بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام " اعتقاده بصحة ما أورده في كتابه ولكن هذا - بغض النظر عما قالوا فيه (64) - لا يستلزم وثوق الشيخ الكليني بدلالة كل حديث موجود في كتابه حتى ينسب إليه بالقطع واليقين القول بمداليل جميع رواياته، ويؤكد هذا قوله: " ونحن لا نعرف من جميع ذلك " بل ويؤكده أيضا ملاحظة بعض أحاديثه توضيح ذلك أنه - رحمه الله روى - مثلا - أحاديث في كتاب الحج من فروعه تفيد أن الذبيح كان (إسحاق) لا (إسماعيل)، ومن تلك الأحاديث ما رواه عن أحدهما عليهما السلام: " وحج إبراهيم عليه السلام هو وأهله وولده، فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه "

(٦٣) الكافي ١ (64) مفاتيح الأصول معجم رجال الحديث، وغيرهما، وقد جاء في المفاتيح عن المحدث الجزائري تصريحه بأنه ليس في كلام الكليني ما يدل حكمه بصحة أحاديث كتابه
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست