أمرا فكذب فيه، ثم قيل: أتراه اتخذ عهد أم اطلع الغيب؟! كلا. أي: لا يكون ذا ولا ذاك.
وأما قوله تعالى: ﴿واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا...﴾ (٤٦).
فكلا: رد لما قبله، وإثبات لما بعده، لأنهم زعموا أن الآلهة تكون لهم عزا، وذلك لقولهم: ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ (٤٧). فقيل لهم: كلا، أي: ليس الأمر على ما تقولون، ثم جئ بعد بخبر، وأكد بكلا وهو قوله: (سيكفرون بعبادتهم) [مريم ٨٢].
وأما قوله في سورة المؤمنين: (لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا) (٤٨) فلها مواضع ثلاثة:
أولها: رد لقوله: إرجعون، فقيل له: كلا، أي لا يرد (٤٩).
والثاني: قوله تعالى (أعمل صالحا) فقيل له: كلا، أي لست ممن يعمل صالحا، وهو لقوله تعالى: ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه﴾ (٥٠).
والموضع الثالث: تحقيق لقوله: (إنها كلمة هو قائلها) (٥١).
وأما قوله في الشعراء: ﴿ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون، قال كلا﴾ (٥٢) فهو: رد في حالة، وردع في أخرى. فأما الردع (٥٣) فقوله: ﴿أخاف أن يقتلون﴾ (54).
فقيل له (كلا)، أي: لا تخف، فذا ردع. وأما الرد، فقوله: (أن يقتلون) فقيل له:
لا يقتلونك، فنفى (أن يقتلون) (55) واعلم أنهم لا يصلون إلى ذلك.