وقال بعضهم: كلا، تنفي شيئا، وتوجب غيره.
فهذا ما قيل في (كلا).
وأقرب ما يقال في ذلك: أن (كلا) تقع في تصريف الكلام على أربعة أوجه:
أولها: الرد، والثاني: الردع. والثالث: صلة اليمين وافتتاح الكلام بها كألا، والوجه الرابع: التحقيق لما بعده من الأخبار.
وسأذكر ما جاء منها في كتاب الله عز وجل، على ترتيب هذه الوجوه الثلاث حكاية لمقالة من زعم: أن (كلا) منحوتة من كلمتين وأن الكاف للتشبيه والرد على قائل ذلك إن شاء الله تعالى.
زعم بعض المتأخرين أن (كلا) رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن (كذلك) تحقيق، وإثبات لم قبله من الخبر، والكاف في (كلا) كاف تشبيه، وزعم أن أصل (كلا): التخفيف، إلا أنهم كانوا يكررون (لا) فيقولون: هذا الشئ كلا ولا. ثم حذفوا إحداهما، وشددوا الباقي طلبا للتخفيف، قال: ومنه قول الشاعر:
قبيلي وأهلي لم ألاق مشوقهم * لوشك النوى إلا فواقا كلا ولا (37) قال: وربما تركوه على خفته ولم يثقلوه، وذلك كقول ذي الرمة:
أصاب خصاصة فبدا كليلا * كلا وأنغل سائره انغلالا (38) ومنه قول جرير:
يكون وقوف الركب فيها كلا ولا غشاشا، ولا يدنون رحلا إلى رحل (39) وهذا كلام مدخول من جهتين:
إحداهما: أنه غير محفوظ عن القدماء من أهل العلم بالعربية.
والثانية: أنه مما لا يتأيد بدليل.