مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ١٠٩
في المعاني المستقلة، ثم فرقوا بينهما بالاقتران بالزمن، وعدم الاقتران به.
ولنا على ذلك الملاحظات الآتية في الجهتين معا:
1 - عدم الاستقلال بالمعنى فمن جهة تخصيصهم الكلمات غير المستقلة بالحرف فقط، لا يوجد له وجه معقول، فهناك كلمات كثيرة أدخلوها في قسم الأسماء، كالضمائر، والإشارة، والموصول، وأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، وغيرها ليست لها تلك المعاني المستقلة، لأن معناها لا يفهم إلا ضمن كلمة أخرى، أو جملة، ولنقارن بين كلمة (أل) التي يفترض أنها حرف، وكلمة (الذي) التي يفترض أنها اسم، فسنجد أن معناهما سواء من ناحية عدم الاستقلال بإدراكه من اللفظ المنفرد، فجملة: (الذي جاءني بالأمس زيد) لو اقتطعنا منها كلمة (الذي) فما المعنى الذي تدل عليه منفردة؟! ولو قلنا: (هذا) - وحدها - لبقي المعنى غامضا حتى نأتي بالمشار إليه لفظا مثل: (هذا الرجل خير من أخيه) أو حسا كالإشارة الخارجية، وحينئذ يغني معنى (الذي) بصلتها (جاءني)، ولا يبقى ل‍ (هذا) معنى غير معنى (الرجل) المشار إليه لفظا أو حسا.
وقد تنبه النحاة أنفسهم إلى ذلك فعللوا سر بناء هذا النوع من الكلمات بكونها مفتقرة إلى الغير في معناها، كالحرف، وسموا ذلك ب‍ (الشبه المعنوي):
كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا وإذا كان الأمر كذلك فما نصنع بالأسماء المبهمة هذه؟! أنعتبرها حروفا، لأن تعريف النحاة للحرف: (ما دل على معنى في غيره) شامل لها؟! أم نظل نصنفها في قسم الأسماء، مع أن تعريفهم الاسم بأنه: (ما دل على معنى في نفسه) لا ينطبق عليها؟! فالغلط واقع لا محالة إما في التقسيم أوفي التعريف.
2 - فكرة الزمن واقترانها بالفعل أما عن فكرة الزمن وجعلها هي المائزة بين الاسم والفعل مع دلالتها على المعنى المستقل، فملاحظتنا عليه:
أ - إن فكرة الزمن ودلالة الصيغة الفعلية عليها فكرة غير ناضجة؟ في أذهان النحاة السابقين وقد أنكر ذلك أكثر الباحثين المحدثين سواء في أصول الفقه (12) أم في

(12) أنظر: البحث النحوي عنه الأصوليين: 150 وما بعدها
(١٠٩)
مفاتيح البحث: أصول الفقه (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست