ووصفهم ب " ألسنة الصدق "، وبهم فسر قوله تعالى: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين ".
وقوله: " فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن " يحتمل أن يريد: أنزلوهم بأحسن ما تنزلون القرآن من الإطاعة والاحترام، ويحتمل أن يريد: أنزلوهم بأحسن ما أنزلهم القرآن من الولاية، كما في قوله عز وجل: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (63)، ومن الطهارة كما في قوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (64)، ومن الطاعة المطلقة كما في قوله: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (65)، ومن المودة كما في قوله:
" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (66)، إلى غير ذلك من المقامات والمنازل التي نزل بها القرآن لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
هذا، وفي هذه الكلمات عدة نقاط:
منها: إن بقاء الإسلام منوط ببقائهم، وإن الدين لا يزول ما داموا موجودين، فهم قوام الدين واليقين، وبقاؤهما محتاج إليهم، كما إن بقاء البناء محتاج إلى الأساس والعماد، ولعل هذا معنى قوله عليه السلام: " وجبال دينه " (67).
ومنها: إن الأرض لا تخلو منهم، لأن الله كتب لدينه الخلود، وهم الادلاء عليه، وأعلام الهداية إليه، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: " ألا إن مثل آل محمد صلى الله عليه وآله كمثل نجوم السماء، إذا خوى طلع نجم " (68) ويصرح ببقائهم ما بقيت الأرض بقوله " اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا، وأين أولئك؟ أولئك - والله - الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه، آه