وصنيعة الملك من يصطنعه الملك لنفسه ويرفع قدره.
فيقول عليه السلام:
" ليس لأحد من البشر علينا نعمة، بل الله عز وجل هو المنعم علينا، فليس بيننا وبينه واسطة في شئ من نعمه، ولكن الناس كلهم وعلى جميع طبقاتهم صنائع لنا، فنحن الواسطة بينهم وبين الله ونحن المنعمون لهم، ونحن عبيد الله والناس عبيد لنا.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله: " ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ".
وروى الكليني: " إن الله خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدل عليه، وخزانه في سمائه وأرضه، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء ونبت عشب الأرض، وبعبادتنا عبد الله، ولولا نحن ما عبد الله " (52).
وخلاصة الكلام: إن أئمة أهل البيت نعمة الله على الخلق، وبهم فسرت النعمة في قوله عز وجل: " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " (53) و " النعيم " في قوله: " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " (54)، وهم الوسائط بين الله والموجودات في الخلق والايجاد والعلم والرزق، وسائر الفيوضات النازلة والنعم الواصلة.
فالله هو الفاعل الذي منه الوجود، والإمام هو الفاعل الذي به الوجود، وهذه هي الولاية الكلية.
فهل يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد؟! وهل يسوى بهم أحد من الخلائق؟!
ومعصومون من الخطأ في جميع الأحوال والعصمة أولى الصفات المعتبرة في كل نبي وإمام، ويدل على ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والعقل، ومن أوضح آيات الكتاب دلالة قوله تعالى: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (55) حتى اعترف بذلك الفخر الرازي وغيره من