الشريف حسابه ووضعه في نصابه.
ومسألته العلم التي أولاها الإسلام مكانة سامية، وكثر الحث على طلب العلم وحفظه ونشره في القرآن الكريم والسنة الشريفة مما تغنينا شهرته عن ذكره.
لكن مسألة قد تكون خافية أو قريبة من الخفاء هي مسألة كتب الهدى وكتب الضلال التي ذكرتها الرسائل العملية ورتبت لها أحكاما تمس موضوعنا ولها به تعلق قوي.
فصيانة عقل الإنسان وفكره وحفظهما مما يدنسهما فرض في الدين لازم.. من أجله حرمت الخمرة وأشباهها.
وقد رسخ هذا المفهوم - مفهوم الالتزام العلمي والثقافي - في وجدان المسلم، فلا تكاد تجد مخطوطة إلا وقد ختمها مؤلفها بطلب الدعاء من القراء، واعتدادها مما يدخره ليوم القيامة.. وكثيرا ما ختم النساخ كتاباتهم بطلب الدعاء من القارئ أو بطلب إصلاح الخلل أو عد النسخ من الأعمال التي يحاسب عليها الإنسان.
هذا ابن البواب الكاتب (- 423 ه) الخطاط المعروف، يقول في رائيته في علم الخط (1):
وارغب بنفسك أن يخط بنانها * خبرا تخلفه بدار غرور فجميع فعل المرء يلقاه غدا * عند التقاء كتابه المنشور وهذا البيت السائر الدائر في خواتيم المخطوطات:
ولا تكتب بخطك غير شئ * يسرك في القيامة أن تراه إلى الكثر الكثير مما حفلت به أوائل المخطوطات وخواتيمها.
وقد شاع هذا المفهوم حتى أصبحت نسبة هذه الأشعار مجهولة.. لأنها صارت شعار أمة.
فالمسلم الملتزم الذي يرى نفسه محاسبا على أعماله، لا يتحف أمته إلا بما يثقل ميزان حسناته غدا، مما ينفع الناس من الكتب القيمة.
وكان المستشرقون من أضر الأعداء بما نشروه من تراثنا المحسوب علينا وما قعدوه من قواعد لدراسته، فتراهم يغرقون الدنيا بطبعات رباعيات الخيام المشككة،