نسخه إياه، وأفقد الأمة الإسلامية بهذا الاغفال درة يتيمة من درر تراثها.
والمحقق مكلف بهذه الأمانة، واجب عليه رعايتها، محرم عليه خيانتها، فإن قام بواجبه فبها ونعمت.. وإن خان فإن حساب الله وحساب التاريخ شديد.
ليس للمحقق أن يبدل أو ينقص أو يزيد في الكتاب الذي يحققه، فإن أوجب البحث أن يفعل شيئا من هذا فعليه أن يشير إلى ما أصلح أو زاد أو نقص، بحيث يتميز عمله وعمل صاحب الأصل.
لكنا - مع شديد الأسف - نجد في كثير من المطبوعات التي كتب عليها أنها من تحقيق فلان.. زيادة ونقصا وتبديلا وتغييرا عما رسمه المؤلف لغايات أقل ما يقال فيها إنها خيانة علمية.
فهذا المحقق المعروف عبد السلام محمد هارون في تحقيقه ل " وقعة صفين " لنصر بن مزاحم المنقري - الطبعة الثانية 1382 ه - ص 231 بعد السطر الثامن رأسا، قد وقع في وهم لا يسامح عليه، فقد أسقط نصا من الكتاب هو:
[وعن عمر بن سعد، عن سلام بن سويد، عن علي عليه السلام في قوله " وألزمهم كلمة التقوى " قال: هي لا إله إلا الله والله أكبر قال: هي كلمة النصر].
مع العلم أن هذا النص المحذوف جاء في طبعة إيران على الحجر سنة 1301 ه، ص 119 السطر الثامن، وقد اعتمد هارون هذه الطبعة أصلا في تحقيقه، قال في صفحة ح - ط من مقدمته ل " وقعة صفين ":
" طبع هذا الكتاب لأول مرة على الحجر في إيران سنة 1301 وهذه الطبعة نادرة الوجود.. وهذه النسخة هي التي قد اتخذتها أصلا في نشر هذا الكتاب وتحقيقه، وهي التي أعبر عنها بلفظ (الأصل) ".
ثم.. هذا الذي أسقط هارون موجود بنصه وفصه في بحار الأنوار للعلامة الكبير الشيخ محمد باقر المجلسي - المتوفى سنة 1111 ه - رحمه الله تعالى، في الطبعة الحديثة ج 100 صفحة 37 حديث 35، وإيراد المجلسي - رحمه الله - له يدل دلالة قاطعة على أخذه له من نسخة مخطوطة أقدم من المطبوعة على الحجر بأكثر من مائتي عام.
وعلق ناشر البحار على الحديث بقوله: " لم نجده في مطبوعة مصر، ويوجد في طبعة إيران القديمة ص 119 ".