وواضح أن النص خال مما ينثير مذهبيا.. فما أدري ما السبب في حذفه!
ثم ليعلم أن باب العصبية المذهبية والتحزب الأعمى أوسع الأبواب التي يؤتى منها المحقق، ومثله باب الجهل وعدم الدليل.. وإلا فما على المحقق إن كان نص المؤلف لا يوافق هواه أن يثبته في مكانه ثم يعلق عليه في الهامش.
وقد رأينا من المطبوعات المحرقة كثيرا من هذا النوع مما يفقد القارئ الثقة بها وبالقائمين عليها، ويجعله يفضل الطبعات الحجرية بل النسخ المخطوطة على كثير من المطبوعات المحققة الأنيقة!
ولا يظنن متصد لتراثنا أن القراء بتلك المنزلة من الجهل، فقد رأيت أشخاصا لا يحملون شهادة قديمة ولا حديثه، ويعدون في عداد العامة زيا ومعيشة، لكنهم - يشهد الله - على درجة من الفهم والتتبع والإحاطة دونها كثيرون من حملة أرقى الشهادات الجامعية.
وأمة بني دينها على العلم لا يتوهمن أحد أن تخلو من العلماء.
أما عصر تحريم قراءة كتب الفئة الفلانية فقد ولى مع طواغيته.
نعم.. يستثنى من ذلك الخطأ الواضح المقطوع به، أو الزيادة الموضحة لمراد المؤلف.. فليس على المحقق حرج أن يصلح هذا الخطأ أو يزيد هذه الكلمة، بشرط تمييزها عن عمل المؤلف، وبشرط إحراز رضا المؤلف.
وهذا الاحراز له دلائل تدل عليه، ولا ذكر مثالا على ذلك:
لو أن محققا اشتغل في كتاب مؤلفه نحوي معروف ورأى فيه خطأ من الأخطاء النحوية المقطوع بخطئها، والتي من مذهب المؤلف تخطئتها، ولم يأت به المؤلف هنا للاستشهاد على مذهب يخالفه.. فإننا هنا نقطع بأن هذا الخطأ طارئ على النسخة و أن المؤلف يرضى بإصلاحه.
7 - الذوق الجميل:
الحياة الجافة مملة مصروفة عنها الأنظار، والحياة العلمية مع ما فيها من لذات عقلية ومتع روحية، قد يعرض لها ما يسمها بسمة الجفاف.. لذلك نرى أسلوب التدريس يختلف من أستاذ إلى آخر، فهذا أستاذ يتشوق الطلبة لحضور درسه و يأسون لفوات محاضرة من محاضراته.. وما هذا إلا لذوق منه جميل يصب به الدرس في