فقال: أفتقول أنت بأنه غير مطلق؟
فقلت له: أنت تعلم أن الواجب أن تجيبني عما سألتك عنه قبل أن تسألني ب " لا " أو " نعم " ثم تسألني عما أردت، ثم إنني أقول بأنه غير مطلق.
فقال: ألست تقول فيها إذا اختلطا وكان الأغلب والأكثر المطلق فهما مع التساوي كذلك؟
فقلت له: إنما أقول بأنه مطلق إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب، لأن ما ليس بمطلق لم يؤثر في إطلاق اسم الماء عليه، ومع التساوي قد أثر في إطلاق هذا الاسم عليه، فلا أقول فيه بأنه مطلق، ولهذا لم تقل بأنه مطلق، وقلت فيه بذلك إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب، ثم إن دليل الاحتياط تناول ما ذكرته، فعاد إلى الدرس ولم يذكر فيه شيئا (21).
وهذا النمط من البحث والنقاش والاخذ والرد في أثناء الدرس يرشد إلى مكانة القاضي في درس الشيخ الطوسي وأن منزلته لم تكن منزلة التلميذ بل كان رجلا مجتهدا ذا رأي ربما قدر على إقناع أستاذه وإلزامه برأيه، 5 - إن الناظر في ثنايا كتاب " المهذب " يرى بأن المؤلف - المترجم له - يعبر عن أستاذه السيد المرتضى بلفظة " شيخنا " بينما يعبر عن الشيخ الطوسي بلفظة " الشيخ أبو جعفر الطوسي " لا ب " شيخنا " والفارق بين التعبيرين واضح وبين.
وهذا وإن لم يكن قاعدة مطردة في هذا الكتاب إلا أنها قاعدة غالبية. نعم عبر في " شرح جمل العلم والعمل " عنه ب " شيخنا " كما نقلناه.
6 - ينقل هو رأي الشيخ الطوسي - رحمه الله - بلفظ " ذكر " أي قيل، وقد وجدنا موارده في مبسوط الشيخ - رحمه الله - ونهايته.
ولا شك أن هذا التعبير يناسب تعبير الزميل عن الزميل لا حكاية التلميذ عن أستاذه.
وعلى كل تقدير فرحم الله الشيخ والقاضي بما أسديا إلى الأمة من الخدمات العلمية، ووفقنا للقيام بواجبنا تجاه هذين العلمين، والطودين الشامخين، سواء أكانا زميلين أو أستاذا وتلميذا.