فاطمة (عليها السلام)، هي إحدى المحاولات التي بحثها القدماء فضلا عن المتأخرين في استقصاء ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) أو ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام)، ولعل السر في اهتمامهم بهذه المشاريع - وإن تكررت - هو التحقيق في ثنائية المعادلة الإلهية التي أرسى معالمها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ أكد في أكثر من مناسبة أن كتاب الله وعترته لا يفترقان، إذ التمسك بهما معا سبب للسعادة والنجاة، والابتعاد عنهما سبب للشقاوة والضلال، فقال: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (1) مما يعني أن هذه المعادلة لا تتم إلا بالأخذ بكلا الطرفين، والأخذ بطرف واحد فقط يوجب الإخلال بالتكليف إذ أحدهما متمم الآخر، فأهل البيت (عليهم السلام) هم المفسرون للقرآن وأحكامه، والقرآن مظهر من مظاهر تجلياته تعالى التي يمثلها آل البيت (عليهم السلام) كونهم القرآن الناطق.
وما محاولتنا هذه إلا إحدى حلقات تلك السلسلة الدراسية التي عنى بها الأقدمون وأكدها المتأخرون، إلا أنها كانت بعنوانها الأخص، إذ اقتصرت على ما نزل من القرآن في شأن فاطمة (عليها السلام) اعتمادا على ما ورد من النصوص المأثورة عن آل البيت (عليهم السلام) ولم تدخل الآيات النازلة في أهل البيت بل اقتصارها على فاطمة (عليها السلام) فقط تحاشيا من التكرار