صدر عنه، ولو كان المقياس في الاختيار هو تعلق الإرادة على نظيرتها لم يصدر فعل إرادي عن المريد قط حتى الواجب.
فإن قلت: ليس النزاع في التسمية والاصطلاح حتى يندفع بما هو الميزان عند العقلاء في تشخيص الفعل الاختياري عن غيره، بل هو معنوي وهو أن مبدأ الفعل أعني الإرادة إذا لم تكن باختيار النفس وانتخابها، بل كان رهن مقدمات غير اختيارية يصير الفعل معها اضطراريا غير اختياري ومعه لا تصح العقوبة وإن سمي عندهم فعلا اختياريا.
قلت: إن البحث يقع تارة في تشخيص الفعل الإرادي عن غيره، وأخرى في تنقيح مناط صحة العقوبة، وما أفاده (طيب الله رمسه) كاف في المقام الأول، إذ لا يشك أي ذي مسكة من أن الفعل الإرادي هو ما تعلقت به الإرادة لا ما تعلقت بإرادتها إرادة ثانية، في مقابل حركة المرتعش، إذ هي صادرة عنه لا بإرادة متعلقة بفعله، من غير فرق بين الواجب والممكن.
وأما المقام الثاني أي تشخيص مناط صحة العقوبة وعدمها، فالمرجع في ذلك هو العقلاء وفطرياتهم ومرتكزاتهم، ولا ريب أن جميع العقلاء يميزون بين الحركة الإرادية والحركة الارتعاشية بصحة المؤاخذة على الأولى دون الثانية، وليس