يوم القيامة على صنفين: سعيد وشقي، وبما أن علمه لا يخطأ، فيكون كل إنسان مضطرا في سعادته وشقائه، غير مختار في اختيار أحدهما، إذ يلزم من كونهما اختياريين جواز تبديل الشقاء بالسعادة وبالعكس، وهو يوجب تطرق الخطأ إلى علمه.
فلو أراد الرازي هذا المعنى، فقد مضى جوابه، وقلنا: إن علمه الأزلي بمصير كل إنسان لا يجعله مجبورا في مجال العمل، وذلك لأن علمه كما تعلق بصدور الفعل عن الإنسان تعلق بصدوره عنه عن اختيار، فلو صدر عن اضطرار للزم انقلاب علمه جهلا، وقد مر تفصيل هذا الجواب فلا نطيل الكلام. وكون كل شخص مختارا معناه أنه يملك بالذات أن يغير مصيره، وإن كان حسب الواقع غير مغير، فلا يلزم من القول بالاختيارية، محذور.
2. إنه سبحانه يحكم الآن على بعض أهل القيامة بأنه سعيد، وعلى بعضهم بأنه شقي. ولكن الإجابة عنه واضحة بمثل الإجابة عن علمه بانقسام الناس إلى صنفين، فحكمه سبحانه ناشئ عن علمه بهما، وعلمه ليس إلا كشفه عن أحوالهم في الآخرة، وهذا لا ينافي أنهم اكتسبوا هاتين الحالتين بأعمالهم الصالحة والطالحة في الدنيا، فصاروا سعداء أو أشقياء في