سبحانه.
وهؤلاء المنافقون إنما اخترعوا نظرية الشرك تعييرا بنبيهم وتضعيفا لعقول أتباعهم، فجعلوا الحسنة منسوبة إلى الله والسيئة إلى نبيهم، ولم يكن الداعي لهذا التفريق إلا التعيير بالنبي الأكرم، كما أن الفراعنة ركبوا مركب الغرور فجعلوا أنفسهم مبادئ الحسنة، ونبيهم مبدأ السيئة. ولم يكن دافعهم إلى هذا التقسيم إلا ازدراءهم بنبيهم، ولكنهم لو كانوا موضوعيين في التفكير عارفين بالكون وما يجري فيه، وأن كل ممكن ينتهي إلى الواجب لرفضوا ذلك التقسيم، ولنسبوا الأمور، حسنها ونافعها، سيئها وضارها إلى الله سبحانه.
إلى هنا تبين مفاد الآية الأولى وأن مقتضى التوحيد في الخالقية والربوبية هو إنهاء كل شئ ممكن إلى الله سبحانه.
وأما الآية الثانية، فنذكر قبل تفسيرها نكتتين:
الأولى: إن محاسن بلاغة الآية أنه عدل سبحانه عن الخطاب إليهم - لأنه وصفهم بأنهم قوم لا يفقهون - إلى الخطاب إلى نبيه وقال: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * فلو كان القوم عارفين لوجه الخطاب إليهم، وقال ما أصابكم من