طبيعية أو حيوانية منسوبة إلى قواها. وبهذا يتضح أن النفس بنفسها في العين قوة باصرة وفي الأذن قوة سامعة، وفي اليد قوة باطشة، وفي الرجل قوة ماشية، وهكذا الأمر في سائر القوى التي في الأعضاء، فبها تبصر العين وتسمع الأذن وتمشي الرجل. فالنفس مع وحدتها وتجردها عن البدن وقواه وأعضائه، لا يخلو منها عضو من الأعضاء عاليا كان أو سافلا، ولا تبائنها قوة من القوى مدركة كانت أو محركة، حيوانية كانت أو طبيعية.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه كما ليس في الوجود شأن إلا وهو شأنه، كذلك ليس في الوجود فعل إلا فعله، لا بمعنى أن فعل زيد مثلا ليس صادرا عنه، بل بمعنى أن فعل زيد مع أنه فعله بالحقيقة دون المجاز فهو فعل الله بالحقيقة. فكما أن وجود زيد بعينه أمر متحقق في الواقع، منسوب إلى زيد بالحقيقة لا بالمجاز، وهو مع ذلك شأن من شؤون الحق الأول، فكذلك علمه وإرادته وحركته وسكونه وجميع ما يصدر عنه منسوب إليه بالحقيقة لا بالمجاز والكذب. فالإنسان فاعل لما يصدر عنه ومع ذلك ففعله أحد أفاعيل الحق الأول على الوجه اللائق بذاته سبحانه. (1)