لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ١٢٢
والشرك، ويسدل عليها بأسدال الإلحاد والخروج عليها، لكنها باقية ببقاء ذاته تجيش في كيانه.
الفطرة الثانية: هي كراهة النقص وبغضه والفرار من الشر ونبذه، فيتركه ويذره على حاله ويتنفر عن جواره، كل ذلك لكي تكتمل فطرة التوحيد عنده وينتهي سيره إلى ربه، ويتوجه إلى غاية الغايات ونهاية المآرب * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * (1).
إذ لا يرى مصداقا لها سوى ذات ربه المحفوف بالكمال، المحجوب عن خلقه بالجمال المنزه عن العيوب.
ثم إنه سبحانه لعلمه بأن عبده سيحجب عن هذه الفطرة بابتلائه بالقوى الحيوانية التي لا مناص له منها في بقاء نوعه وحفظ نسله، شفع الفطرة بإرسال الرسل وإنزال الكتب لكي يكتمل سيره وسلوكه، برفع الحجب عن طريق الوعد والوعيد لهم، لأن مغزى شريعة ما جاء به الأنبياء والرسل يعود إلى الفطرة وأحكامها، فأصولها عين الفطرة كالدعوة إلى التوحيد وأسمائه وصفاته، وفروعها مآل الفطرة، فإن النفس تكتسب الفضائل والكمالات بالصلاة التي هي معراجها إلى ربها، وبالحج الذي هو وفود إلى كعبة آمالها.

(1) الرعد / 28.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»