لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ١٢١
إن الله جلت عظمته خلق العباد بقدرته، وأفاض عليهم من نور وجوده وفيض علمه وسائر كمالاته ما هو اللائق بحالهم وحسب قابلية المواد القابلة من غير ضنة وبخل، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وفطر النفس على اختلافها في القبول والاستعداد بفطرتين طيبتين لتكونا جناحيها نحو معراجها إلى فاطرها، لتطير إلى وكرها وتصل إلى ربها حسب معرفتها وعرفانها.
الفطرة الأولى: هي العشق للكمال المطلق والجمال المحض، أعني: النور الذي ليس فيه ظلمة، والعلم الذي لا يدانيه جهل وريب، والقدرة التي لا يشوبها عجز، ومن هو صرف كل جمال وكمال، فنور قلب عبده بجمال معرفته، وهو توحيده وكمال تنزيهه حتى يتوجه إلى بارئه القدير، وخالقه العزيز، ويصل إلى فنائه ويستشعر بعلو جبروته وملكوته في جميع الآنات والأوقات قام في محراب عبادته، أو غاروا في عباب عصيانه فهو في جميع الحالات، شاهد لربه بفطرته، عارف خالقه بخميرته، ناظر إلى كبريائه وجلاله بعين ذاته ونور حقيقته، ولا يتطرق الزوال إلى هذه المعرفة الذاتية الحاصلة له من صقع فيض خالقه.
نعم ربما تقع تحت حجاب المعاصي وظلمة الكفر
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»