ولا دلالة للحديث على ما يرتئيه الجبري، وذلك لأن النفس المفاضة على المادة المستعدة النورانية، طاهرة وسعيدة منذ أول أمرها لعدم تدنسها من ناحية العوامل المدنسة كالآباء والأجداد وغيرهما، ولكن النفس المفاضة على المواد الكثيفة دنسة ونجسة وشقية منذ بدوها وأول نشوئها لكن لا طهارة النطفة موجبة إلى الخيرات والسعادات، ولا قذارة المادة وكثافتها موجبة لاختيار الشرور والشقاء، بل كل يحن إلى ما يناسبه من الخيرات والشرور ولكن الميل شئ والإلجاء شئ آخر.
ويمكن أن يكون الحكم بالسعادة أو الشقاء باعتبار ما يؤول إليه أمر الشخص فمن ينتهي مآل أمره إلى الجنة، فهو محكوم بالسعادة منذ أوان حياته، فكني عن أوان الحياة ببطن الأم، ولعله إلى ذلك يشير الحديث الشريف الذي رواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي عمر، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه " فقال: الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء، قلت له: وما