في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٣
على أن البدعة ليست خصوص الإفتاء بما خالف الكتاب والسنة بل هي أعم من ذلك فهي تشمل إدخال ما لم يرد في الكتاب والسنة، بأن سكت عنه الشارع نفيا وإثباتا في الدين (1) فالمعنى الجامع للبدعة هو: الافتراء على الله رسوله ونشر ذلك المفترى في الأمة بعنوان أنه من الدين.
ويدل على هذا المعنى مضافا إلى ما عرفت قوله سبحانه: * (أألله أذن لكم أم على الله تفترون) * فإن هذه الآية تدل على أن كل ما ينسب إلى الله سبحانه بلا إذن منه فهو أمر محرم، ومن أدخل في الدين ما ليس منه فقد افترى على الله.
وقد عد الله المفتر ي من أظلم الناس إذ قال سبحانه: * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون) * (2).
وعندما اقترح المشركون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن يأتي بقرآن غير هذا أو يبدله إلى آخره، أمره سبحانه بأن يقول: * (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) * (3).

(١) أعلام الموقعين لابن القيم ٣: ٢٥ - ٦٥.
(٢) الأنعام: ٢١.
(٣) يونس: ١٥.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»