في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٩٤
الإنسان بعمل غيره إذا كان للإنسان المنتفع سعي فيه، ولو بإيجاد أرضية صالحة للانتفاع به في ذاته، في قبال من لا يوجد في نفسه وذاته مثل هذه الأرضية والاستعداد والقابلية والمقتضي.
فمثلا الإنسان ينتفع بشفاعة النبي الأكرم يوم القيامة باتفاق جميع المسلمين حتى الوهابيين، ولكن انتفاعه هذا ناشئ من أنه سعى لهذا الانتفاع حيث دخل في حظيرة الإيمان بالله وآياته.
وكذلك الأمر في استغفار المؤمنين للمؤمن بعد موته، وكذا الأعمال الصالحة التي يهدى ثوابها إلى أحد وتكون على وجه يرتبط بسعيه في الدخول في زمرة المؤمنين.
ولذلك لو كان مشركا أو ممن تحبط أعماله، لا يصل إليه ذلك الثواب ولا ينتفع بعمل الغير.
وقد تفطن لهذا الجواب بعض أئمة أهل السنة. قال أبو الوفاء بن عقيل: إن الإنسان بسعيه وحسن معاشرته، اكتسب الأصدقاء وأولد الأولاد وتزوج وأسدى الخير وتودد للناس، فنشأ عن ذلك أنهم ترحموا عليه وأهدوا له العبادات، وقد كان ذلك من آثار سعيه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه " ويدل على ذلك الحديث الآخر: " وإذا مات العبد، انقطع عمله إلا من ثلاث... ".
وقال الشيخ الفقي: " هذا جواب يحتاج إلى إتمام، فإن العبد بإيمانه وطاعته لله ورسوله قد سعى في انتفاعه بعمل إخوانه المؤمنين مع عمله، كما ينتفع بعملهم في الحياة مع عمله، فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»