في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٩٧
نعم، هذه كما قلنا ليست ضابطة أصيلة في سعادة الإنسان في دنياه وأخراه وليس له أن يعتمد عليها ويتخذها سندا وإن كان أمرا صحيحا في نفسه، وليس كل أمر صحيح يصح أن يعتمد عليه الإنسان ويعيش عليه كشفاعات الأنبياء والأولياء فلا يجوز ترك العمل بحجة أنهم يشفعون.
الشبهة الثانية:
إن السنة دلت على أن الإنسان لا ينتفع بعد موته إلا بأمور ثلاثة إذ يقول صلى الله عليه وآله وسلم:
" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " (1) وليس عمل الغير أحد هذه الأمور، فتدل السنة على عدم انتفاع الإنسان بعمل الغير.
والجواب واضح فإن الحديث المذكور بصدد بيان أن عمل الإنسان ينقطع بموته، وحلول أجله، ولا تستمر إلا هذه الأمور الثلاثة، فإن لهذه الأعمال بقاء، وإن الإنسان ينتفع بهذه الأعمال الباقية الخالدة، وعلى ذلك فالرواية ترجع إلى مسألة انقطاع الأعمال التي يقوم بها الإنسان بعد موته، وعدم استمرارها، وأما أنه لا ينتفع بعمل الغير فهو ليس داخلا في موضوع الآية حتى ينتفع بها الميت أو لا ينتفع.
وبعبارة أخرى: إن الموضوع في الحديث هو أن الأعمال المباشرية التي يقوم بها الإنسان تنقطع بموته، إلا إذا كانت أحد هذه الأمور الثلاثة.

(1) رواه ابن ماجة.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»