في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٩٢
ما يفيد القارئ في المقام، وهو أنه لو كان ظاهر الآية هو ما يرومه المستدل وهو: أن الغير لا ينتفع بعمل الغير ما لم يكن قد تسبب إليه في الحياة، لعارض، هذا ظاهر الآيات الأخرى والروايات المتضافرة في ذلك المجال، إذ لو كان كذلك فما معنى استغفار المؤمنين لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان؟ وما معنى استغفار حملة العرش ومن حوله لأهل الإيمان؟
وما معنى هذه الروايات الواردة في مجالات مختلفة، الدالة على انتفاع الميت بعمل الغير؟
كل ذلك يعرب عن أن للآية مفادا آخر وهو غير ما يرومه المستدل، وإليك تفسير الآية بالإمعان فيها، وذلك بوجوه:
الوجه الأول:
إن سياق الآيات المحيطة بهذه الآية سياق ذم وتنديد، وسياق إنذار وتهديد، فإنه سبحانه يبدأ كلامه بقوله:
* (أفرأيت الذي تولى * وأعطى قليلا وأكدى * أعنده علم الغيب فهو يرى * أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى * وإن إلى ربك المنتهى) * (1).
فإنك ترى أن الآيات الحاضرة مثل سبيكة واحدة صيغت لغرض الإنذار والتهديد، خصوصا قوله: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * فإن

(١) النجم: ٣٣ - 42.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»