في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٧٣
توسل السلف دليل على إمكان الارتباط:
ثم إن الظاهر مما ورد عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يتوسلون بدعاء النبي مرة بعد أخرى، ونذكر فيما يأتي نماذج من عملهم هذا الذي يدل على أنهم كانوا يعتقدون عمومية الأمر الذي جاء في الكتاب العزيز، أعني: قوله تعالى: * (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (1)) *. وإن ذلك يشمل حال حياة النبي وحال وفاته، ويشمل الحياة الدنيوية والحياة البرزخية:
1 - روى البيهقي عن مالك قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله في المنام وقال: إئت عمر فاقرئه السلام وأخبره أنهم مسقون.
يقول السمهودي بعد نقل الحديث: ومحل الاستشهاد طلب الاستسقاء منه وهو في البرزخ، ودعاؤه لربه في هذه الحالة غير ممتنع، وعلمه بسؤال من يسأله قد ورد، فلا مانع عن سؤال الاستسقاء وغيره منه كما كان في الدنيا (2).
2 - روى ابن عساكر في تاريخه وابن الجوزي في " مثير الغرام الساكن " وغيرهما بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فزرته وجلست بحذائه وجاء أعرابي فزاره ثم قال:
يا خير الرسل

(١) النساء: ٦٤.
(2) دلائل النبوة 7: 47.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»