في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٦٨
الحياة الدنيوية، والحياة البرزخية أو ستار حديدي يمنع اللقاء بين من في العالمين، بل المراد هو أن الحياتين قد قدرتا على شكل خاص لا يختلط أحدهما بالآخر، فإن الحياة المادية القائمة على الكون والفساد، والفعل والانفعال تختلف عن الحياة البرزخية المبرأة عن هذه الآثار كما هو الحال في الآية المباركة: * (وبينهما برزخ لا يبغيان) * (1).
وحصيلة الكلام هي: أن القول بوجود الحاجز لا يلازم انقطاع الصلة، بل الحاجز يمنع عن اختلاط الحياتين إحداهما بالأخرى، لا أنه يمنع عن وجود الصلة والاتصال بينهما، فشتان الفرق بين الأمرين.
واستنتاج الثاني (المنع من الاتصال) من الأول (المنع من اختلاط الحياتين) أشبه بالتفسير بالرأي، ولو صح ما ذكر فما معنى تكلم النبي صالح وشعيب مع قومهما وما معنى تكلم رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم مع الأنبياء في المعراج؟
بل أي معنى لتمني حبيب النجار بعد مصرعه وقوله: * (يا ليت قومي يعلمون) *؟
والآية بصدد بيان أن بين الموت والبعث عالما آخر يبقى الإنسان فيه إلى أن يبعث، وأما انقطاع الصلة فهو من باب التفسير بالرأي، ولا تفيده الآية قط.

(1) بل من المحتمل أن يكون البرزخ بمعنى عالم المثال والحياة المخصوصة ولكنه يحتاج إلى ثبوت ذلك الاصطلاح في الذكر الحكيم.
(٢٦٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)، المنع (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»