في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٧٠
الشبهة الثالثة: انقطاع عمل الإنسان:
إن الكاتب السلفي " الرفاعي " استدل على انقطاع الصلة بالحديث المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا مات المرء انقطع عمله إلا عن ثلاث:
صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له " وهذه الرواية تشمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا.
والعجب من هذا الكاتب، فهو يخلط بين موضوعين هما:
الأول: هل الميت ينتفع بعمل الغير أو لا؟
الثاني: هل الميت له فعل من الأفعال في عالم البرزخ أو لا؟
ولو صح الاستدلال بالحديث فإنما يصح في الموضع الأول.
وأما الموضع الثاني وهو هل للميت فعل في البرزخ أو لا؟ وأنه هل هو مبدأ لفعل أو لا؟ فلا صلة للحديث به، وكيف يمكن القول بأنه لا فعل لهم هناك، وهذا هو القرآن الكريم يتحدث عن الشهداء بأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم، وهذا هو حبيب النجار يحكي القرآن ما يتمناه لقومه بقوله: * (يا ليت قومي يعلمون) *.
وهكذا تزول الشبهات ويبقى الأصل سليما وهو أن الأنبياء أحياء بعد مفارقة الأرواح لأجسادهم الطاهرة، وأنه يمكن اتصال الأحياء بأرواحهم وهو ما دل عليه الكتاب والسنة في أكثر من آية وأكثر من حديث اعتقده المسلمون على مر العصور
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»