في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٧٨
وقد أخطأت " المرجئة " لما زعموا أن الإيمان المجرد وسيلة نجاة ومفتاح فلاح، فقدموا الإيمان وأخروا العمل.
وقد شجب أهل البيت عليهم السلام هذه الفكرة الباطلة حيث حذروا الآباء ودعوهم إلى حفظ أبنائهم منهم: " بادروا أولادكم بالأدب قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة " (1).
فالاعتماد على الإيمان مجردا عن العمل، فعل النوكى والحمقى وهو لا يفيد ولا ينفع أبدا.
ولقد كان لهذه الفكرة الباطلة صيغة أخرى عند اليهود، فهم كانوا يعتمدون على مسألة الانتساب إلى الآباء، وبيت النبوة، فزعموا أن الثواب لهم والعقاب على غيرهم حيث قالوا: * (نحن أبناء الله وأحباؤه) * أو قالوا: * (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) * وفي ظل هذه الفكرة اقترفوا المنكرات واستحلوا سفك دماء غيرهم من الأقوام والأمم، والاستيلاء على أموالهم.
والحق الذي عليه الكتاب والسنة هو أن المنجي هو الإيمان المقترن بالعمل الصالح، كما أن التسويف في إتيان الفرائض باطل جدا وهو أن يؤخر الإنسان الواجب ويقول سوف أحج مثلا، ويقول ذلك كل سنة ويؤخر الفريضة.
وهذا هو الإمام أمير المؤمنين علي - عليه السلام يؤكد في خطبته على العمل إذ يقول: " فاليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل " (2).

(١) الكافي ٦: ٤٧، الحديث 5.
(2) نهج البلاغة، الخطبة 42.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»