في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٥٨
وأما من دعى إنسانا باعتقاد أنه عبد صالح من عباد الله، أكرمه الله سبحانه بالرسالة والنبوة، أو بشئ من المقامات المعنوية من دون أن يعتقد بأنه يملك المدعو شيئا من تدبير حياة الإنسان، أو شيئا من مصيره في الدنيا والآخرة، بل له مقام رفيع عند الله بحيث لو دعاه لأجابه، أو استشفع به شفعه، لا يكون دعاؤه واستشفاعه عبادة لعدم وجود العنصر المقوم للعبادة في هذا الدعاء والاستشفاع، بل يكون الدعاء مرددا بين أمرين: إما أن يستجاب، أو لا يستجاب، فأين هذا من عقيدة المشركين وتصورهم في حق معبوداتهم من الأوثان والأنجم أو من تمثلها هذه الأوثان والأنجم.
ما يدل على عقيدة المشركين في معبوداتهم:
والذي يدل على عقيدة المشركين في حق معبوداتهم على النحو الذي أشرنا إليه وكيف أنهم كانوا يضفون عليها صفة الربوبية، أو يسندون إليها بعض شؤون الرب هو ما يلي:
1 - إبراهيم - عليه السلام - وقومه:
إن استعراض ما ورد في حق قوم إبراهيم في القرآن الكريم من الآيات التي أشارت إلى حوار الخليل - عليه السلام مع معبوداتهم من الأجرام السماوية، يكشف القناع عن هذه الحقيقة، فإن هذه الآيات تكشف عن أن قوم إبراهيم كانوا يعتقدون بربوبية تلكم الأجرام، وليس الرب إلا من يدبر حياة المربوب تدبيرا خاصا، مثل رب الضيعة ورب الإبل ورب العمل، ورب البيت.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»