في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٥٤
فإذا طاف المسلم حول هذا الحجر وهذا الطين كان عمله عملا توحيديا، ولكن لو طاف الكافر حول صنمه المصنوع من الحجر والفلز عد مشركا، ومثله السعي فلو سعى المسلم بين الجبلين لكان عمله تجسيدا للعبادة والتوحيد، ومظهرا لعمل امرأة موحدة ساعية بينهما لطلب الماء (1)، ولكن لو سعى المشرك بين صنمين أو جبلين إذا وضع صنمهما على الجبلين عد مشركا.
6 - المسلمون كلهم يستلمون الحجر الأسود في الحج، واستلامه من المستحبات الأكيدة، وهذا العمل من حيث الصورة لا يختلف عن عمل المشركين تجاه أصنامهم في حين أن هذا العمل يعد في صورة شركا، وفي أخرى عملا مستحبا قام به سيد الموحدين والمؤمنين.
7 - إن تقديم الهدي وذبحه في منى يشبه من حيث الشكل عمل المشركين حيث كانوا يذبحون القرابين في منى أمام أصنامهم وأوثانهم.
هذه الأمور تحتم علينا انتزاع قاعدة أصولية وهي أن الملاك والاعتبار إنما هو بالنيات والضمائر لا القشور والظواهر، وإلا لما تجد فرقا بين عمل المشرك والموحد في هذه الصور وغيرها مما لم نذكره.
فالذي يكون حاجزا بين العملين ومميزا لعمل المشرك عن عمل الموحد هو نيته وقصده وضميره، وحيث إن النيات والمقاصد مختلفة يكون العمل تابعا لها.

(1) ونعني بها هاجر أم إسماعيل.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»