إذا صدر عن الكافر، بخلاف ما إذا قام به المؤمن المخلص، قال سبحانه: * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون * إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) * (1).
والإمعان في الآية يكشف لنا أن الملاك في القضاء والحكم هو باطن العمل لا ظاهره، وإلا فالعمل الذي يقوم به المشرك هو نفس العمل الذي يقوم به المسلم، ولكن الذكر الحكيم سلب عن عمل المشرك حق التعمير، وأوكله إلى المسلم ولم يعتبر الأول وإنما اعتبر الثاني وأقره واحترمه، وهذا يشير إلى الأصل الذي ذكرناه في عنوان البحث بأن الاعتبار إنما هو بالنيات والضمائر لا بالصور والظواهر.
2 - إن السجود من أعلى درجات الخضوع لدى عامة الشعوب والأمم فلو سجد إنسان عند باب الملك أو في حضرته عد عمله عبادة وعد من المشركين، ولكن الملائكة سجدوا لآدم ولم يحسبوا من المشركين ولم يكن آدم قبلة (2) بل كان مسجودا له، ومع ذلك عدت الملائكة لأجل سجدتهم تلك عبدة لله، وحسب إبليس العاصي من المذنبين، مع أن السجودين في كلا الموردين متحدان صورة وظاهرا، وشكلا وقالبا.