4 - حدثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال: وحدثني أبو زكريا يحيى بن صالح الحريري قال: حدثني الثقة، عن كميل بن زياد قال:
أخذ أمير المؤمنين _ عليه السلام _ بيدي وأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء وقال:
يا كميل! إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، إحفظ عني ما أقول: الناس ثلاثة - عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.
يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكو على الانفاق والمال تنقصه النفقة.
يا كميل! محبة العلم دين يدان به، تكسبه الطاعة في الحياة، وجميل الأحدوثة بعد الموت، ومنفعة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه.
يا كميل! مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن ههنا لعلما (جما) - وأومأ إلى صدره بيده لم أصب له حملة، بلى أصيب لقنا غير مأمون (عليه) يستعمل آلة الدين في الدنيا، يستظهر بحجج الله على أوليائه، وبنعم الله على معاصيه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة (ألا) لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار، ليسا من رعاة الدين (في شئ ولا من ذوي البصائر واليقين) أقرب شئ شبها بهما الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم! بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟
أولئك والله الأقلون عددا، والأعظمون عند الله قدرا، بهم يحفظ الله حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على